responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 337
[سُورَة الجاثية (45) : آيَة 13]
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)
وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ.
هَذَا تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ اقْتَضَاهُ الِاهْتِمَامُ أَوَّلًا ثُمَّ التَّعْمِيمُ ثَانِيًا. وَمَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ عَامٌّ مَخْصُوصٌ بِمَا تَحْصُلُ لِلنَّاسِ فَائِدَةٌ مِنْ وُجُودِهِ: كَالشَّمْسِ لِلضِّيَاءِ، وَالْمَطَرِ لِلشَّرَابِ، أَوْ مِنْ بَعْضِ أَحْوَالِهِ: كَالْكَوَاكِبِ لِلِاهْتِدَاءِ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَالشَّجَرِ لِلِاسْتِظْلَالِ، وَالْأَنْعَامِ لِلرُّكُوبِ وَالْحَرْثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَأَمَّا مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِمَّا لَا يُفِيدُ النَّاسَ فَغَيْرُ مُرَادٍ مِثْلُ الْمَلَائِكَةِ فِي السَّمَاءِ وَالْأَهْوِيَةِ الْمُنْحَبِسَةِ فِي بَاطِنِ الْأَرْضِ الَّتِي يَأْتِي مِنْهَا الزِّلْزَالُ.
وَانْتَصَبَ جَمِيعاً عَلَى الْحَالِ مِنْ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ. وَتَنْوِينُهُ تَنْوِينُ عِوَضٍ عَنِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ، أَيْ جَمِيعُ ذَلِكَ مِثْلُ تَنْوِينِ (كُلٍّ) فِي قَوْلِهِ: كُلًّا هَدَيْنا [الْأَنْعَام: 84] .
وَ (مِنْ) ابْتِدَائِيَّةٌ، أَيْ جَمِيعُ ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لَيْسَ لِغَيْرِهِ فِيهِ أَدْنَى شَرِكَةٍ. وَمَوْقِعُ قَوْلِهِ:
مِنْهُ مَوْقِعُ الْحَالِ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الْمَحْذُوفِ الْمُعَوَّضِ عَنْهُ التَّنْوِينُ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ جَمِيعاً لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَجْمُوعًا.
إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
أَيْ فِي ذَلِكَ الْمَذْكُورِ مِنْ تَسْخِيرِ الْبَحْرِ وَتَسْخِيرِ مَا فِي السَّمَوَات وَالْأَرْضِ دَلَائِلُ عَلَى تَفَرُّدِ اللَّهِ بِالْإِلَهِيَّةِ فَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مِنَنًا يَحِقُّ أَنْ يَشْكُرَهَا النَّاسُ فَإِنَّهَا أَيْضًا دَلَائِلُ إِذَا تَفَكَّرَ فِيهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهِمُ اهْتَدَوْا بِهَا، فَحَصَلَتْ لَهُمْ مِنْهَا مُلَائِمَاتٌ جُسْمَانِيَّةٌ وَمَعَارِفُ نَفْسَانِيَّةٌ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ كَانَتْ فِي عِدَادِ الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلَهَا مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ [الجاثية: 3] ، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ عَنْهَا لِأَنَّهَا ذُكِرَتْ فِي مَعْرِضِ الِامْتِنَانِ بِأَنَّهَا نِعَمٌ، ثُمَّ عُقِّبَتْ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهَا أَيْضًا دَلَائِلُ عَلَى تَفَرُّدِ اللَّهِ بِالْخَلْقِ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 337
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست